Friday, September 01, 2006

أمهات يقتلن مواليدهن بالملح

العناية بالمواليد الجدد ليست عملية سهلة ولكنها قد تصبح أصعب إذا تم اغفال النصائح الطبية والاعتماد على الشعوذات والممارسات الشعبية الموروثة في التربية. وفي هذا التحقيق، توضح علا الفرواتي كيف ساهمت إحدى الممارسات الخاطئة في معاناة الكثير من العائلات.

المقادير: أربعة ملاعق من ملح الطعام مضافة إلى نحو كوبين من الماء الفاتر أو زيت الزيتون.
والمقادير السابقة ليست لصنع المخلل ولكنها "خلطة" تضعها بعض الأمهات على جسد المواليد الجدد ضمن عادة اجتماعية ومتوارثة كانت السبب على مدى أجيال وراء موت العديد من الأطفال وإصابة الكثيرين منهم بالصفار، تكسر في خلايا الدم الحمراء، قصور شديد في وظائف الكلى وفي بعض الحالات تلف خلايا الدماغ الذي يفضي إلى الشلل، الصمم أو العمى.
وتعتقد النساء اللواتي يمارسن هذه العادة أن غسل جسم المولود الجديد بالماء والملح أو دهنه بخليط الملح والزيت "يجعل جسم المولود قويا ويزيد مناعته ضد الأمراض."
وتعتقد أمل ان دهن جسم مولودتها الجديدة بالماء والملح جعل رائحة جسمها جميلة جدا وخلصها من "رائحة الزنخ التي علقت بجسم مولودتها أثناء عملية الولادة."
وأمل مثل الكثير من الأمهات في الأردن، تركيا، سوريا واليونان اللواتي يعتقدن ان هذه الممارسة صحية ومستحبة حيث يقدر أخصائي طب الأطفال يوسف أبو إصبع نسبة السيدات اللواتي يغسلن أجسام مواليدهن بمحلول ملحي في الأردن بنحو 30%، وذلك استنادا إلى دراسة أجراها مؤخراً.
ويبين الطبيب الذي يرأس وحدة العناية بالمواليد الجدد في مستشفى الأردن أن هذه العادة منتشرة بشكل مقلق وأن جهدا حكوميا للحد منها يجب أن يبذل وعلى مستوى وطني.
وقال د. أبو إصبع أنه كان يستقبل بعض المواليد وهم يعانون من أعراض مرضية بدون أسباب واضحة.
ويضيف:"كانت الأم ووليدها الجديد تغادر المستشفى وهو لا يشتكي من أية أعراض ولكنها كانت تعود بعض أيام ووليدها يعاني من الحمى، الاصفرار وازرقاق في الأطراف."
"وبالفحص العادي لم أكن أجد أي سبب مباشر لذلك وبعد الفحص المخبري للدم كان يتبين لدي ارتفاع غير معروف الأسباب لنسبة الملح (الصوديوم) في الدم. وعند سؤال الأهل كان يتضح لي أن السبب كان استخدام الملح والماء أو الزيت."



قتل غير متعمد

ويروي د. أبو إصبع قصة المولودة رحمة التي غادرت مع والدتها المستشفى "سليمة ومعافاة ليحضرها أهلها وعمرها ستة أيام وهي تعاني من حمى، ازرقاق في الأطراف، اصفرار في الجلد والجفون، قلة حركة وضعف في المص."
ويضيف:"تبين لنا بالفحص السريري أن درجة حرارة المولودة 39.5 مئوية. وبدت منهكة ومعتلة ومصابة بجفاف شديد، تبقع في البشرة وعدم استجابة للمنعكسات العصبية."
ويروي الطبيب كيف أن التحاليل المخبرية أظهرت ارتفاعا شديدا جدا في نسبة الأملاح في الدم حيث كانت نسبة الصوديوم 194 (المعدل الطبيعي 135-140) إضافة إلى وجود قصور في وظائف الكلى وحموضة شديدة في الدم وكلها نتائج لمضاعفات الجفاف الشديد والارتفاع الحاد للأملاح في الدم.
وقال د. أبو إصبع أن المولودة أصيبت بتشنجات متكررة استعصت على العلاج بينت بعدها الصور المقطعية للدماغ وجود استسقاء مائي في المخ ووجود نزيف تحت أغشية الدماغ. كما بين التخطيط لكهربائي لاحقا وجود موت دماغي.
ويضيف:" توفيت رحمة نتيجة للمضاعفات برغم جميع الجهود الطبية المبذولة. وأفاد الأهل بأنه تم تمليح المولودة عن طريق فرك جلدها بالملح والزيت وفرك باطن فمها بالملح ولأيام متتابعة."
ويروي الطبيب قصة المولود سليمان الذي احضره والداه إلى عيادته وهو يعاني من تشققات في الجلد وندوب في البشرة بدأت بعد عدة أيام من الولادة اتضح بعدها انه المولود دهن بالملح والزيت لثلاثة أيام متوالية.
ويضيف:"بمتابعة الطفل تبين لي حدوث تباطؤ شديد في نمو قطر الرأس في الشهور الثلاثة الأولى من عمره رغم أن قطر الرأس عند الولادة كان طبيعيا... وفقد الاتصال بالمريض بعد ذلك."

ويبين د. أبو إصبع أن تغسيل المواليد بالماء والملح أو فرك جلدهم بالملح والزيت يؤذيهم لكون بشرتهم ناعمة ورقيقة وتحتوي على نسبة عالية من الماء وهي نفاذة له ويمكن من خلالها فقد السوائل وامتصاص الملح مما يزيد نسبة الأملاح في الدم بدرجة عالية جدا.

التمليح عادة منتشرة

واستنادا على دراسة قام بها الطبيب بتوزيع استبيان على 150 أمٍٍٍٍٍٍٍٍ أن 16% من الأمهات لا يعرفن أي فوائد لتمليح المولود. وأن 50% من الأمهات يعتقدن أن هناك بعض الفوائد لتمليح الطفل منها تقليل العرق، تقوية العظام والعضلات، تقوية المناعة، تسريع التئام الجروح وتطرية البشرة وحمايتها من التحسس. فيما قالت 16% منهن أن للتمليح بعض المضار مثل جفاف وتشقق الجلد واحمراره، تهيج العيون والفم وزيادة الملح في الجسم.

وتبين بعد الاستبيان أن نسبة الأمهات الجامعيات بلغت 46% واللواتي اتممن المرحلة الثانوية فقط أو أقل كانت 54%. وأن أعمارهن تراوحت بين 20-42 عاما.

ويعلق د. أبو إصبع أن"هذا يعني أن عادة تمليح المواليد ليست مقتصرة على الأمهات غير المتعلمات أو الكبيرات في السن."

وبحسب الدراسة فان 47% من الأمهات سبق وملحن أطفالهن مرة على الأقل كما أن 13.5 منهن كن يعرفن عن مضار التمليح إلا أنه تم تمليح أطفالهن.

اعتقادات مغلوطة

أم فايز في السبعين من عمرها وهي أم لثمانية أبناء وبنات وجدة لنحو 15 حفيدا. وتفخر السيدة السبعينية بمجهوداتها في تربية أولادها وأحفادها الذين يتمتعون بأجسام قوية. وتعتقد أم أحمد أن تمليح الأطفال و"تزييت" جلدهم هو ما جعلهم أقوياء ومتعهم بصحة تامة.

وتقول أم فايز:"لو لم أقم بتمليح أولادي وأحفادي لظل جلدهم ذا رائحة سيئة طول حياتهم ولتعرضوا من كثير من الأمراض الجلدية."

وتعترف السيدة بأنها لم تستمع لاعتراضات إحدى بناتها وأحدى كناتها اللتين اعترضتا على التمليح. "لو لم أساعدهم في تمليح الأولاد لظل اطفالهما يعانون طول حياتهم. لقد ملحت هؤلاء الأطفال حتى الإشباع."
وبرغم أن أولاد أم فايز واحفادها لم يعانوا من أمراض خطيرة إلا أن د. أبو إصبع يعلق أن عملية التمليح تؤثر على بعض مواليد أكثر من غيرهم وتؤذي الأطفال المولودين مبكراً أكثر من غيرهم لأن جلدهم يكون ارق وبالتالي يكون أكثر نفاذية للماء.
وبحسب الدراسة فان 29% من الأمهات اللواتي "ملحن" مواليدهن عن طريق تحميم الطفل بماء مضاف إليه كميات متفاوتة من الملح، وأن 37% قمن بفرك بشرة المواليد بالملح والزيت وأن 2.7% منهن وضعن ملحا في الفم وفركن باطن الخدين واللسان به. وأفادت الدراسة أن تمليح المواليد يتم عادة من قبل الأم أو الحماة أو سيدة كبيرة من العائلة.
ورغم أن الأطباء ينصحون بعدم التمليح إلا أن بعض الأمهات يصررن عليه. وبحسب د. أبو إصبع فان أربع أمهات من العينة التي تمت دراستها قمن بتمليح مواليدهن برغم استماعهن للبرنامج التثقيفي ضد التمليح وذلك "لأن العادة جرت على ذلك."

1 comment:

Anonymous said...

شو!! بدهم يعملوا فسيخ من الاطفال!؟ يعني لو غسلّوا الطفل مرة ممكن ما تؤذية... بس كل يوم... و داخل الفم!!؟ عجيب!..على فكرة انا عمري ما سمعت بهاي العادة!